أسامة داود يكشف: يوم السلامة فى البترول..الوزير يحتفل والضحية تُركت بلا إسعاف

أسامة داود يكشف: يوم السلامة فى البترول..الوزير يحتفل والضحية تُركت بلا إسعاف


مطلوب التحقيق في وفاة موظف بالبترول: لماذا لم تتحرك الإسعاف؟

بين الاحتفال والمأساة: الوزير يحتفل بينما "السلامة المهنية" خلف بوابة حديدية

في صباح اليوم 25 سبتمبر فى البترول يُفترض أن يكون احتفالًا بالإنسان، تحوّل إلى لحظة فارقة، سقط فيها شعار "السلامة والصحة المهنية" أمام اختبار حقيقي لم يصمد فيه أكثر من دقائق.

ففي نفس الوقت الذى كانت وزارة البترول تنظم احتفالًا رسميًا بـ"يوم السلامة والصحة المهنية" في أحد فنادق العاصمة الإدارية الجديدة، وتحت شعار "حماية الإنسان أولًا"، واجه موظف بدرجة مدير عام مساعد بالشركة العامة للبترول أزمة صحية حادة لم تنجح فيها الشركة في تطبيق أبسط قواعد الطوارئ وهى تحريك سيارة الإسعاف التي لم يكن يفصل بينها وبين حالة الطوارئ سوى بضعة أمتار لكنها كانت محتجزة داخل بوابة حديدية ولا يمكن أن تتحرك إلا بموافقات إدارية.


الإسعاف متوقف ونقل المريض بالأتوبيس!

في الساعات الأولى من صباح يوم الاحتفال، وأثناء قدوم اتوبيسات الشركة العامة للبترول إلى مقرها بمدينة نصر، وداخل أتوبيس الشركة القادم من مدينتي سقط محمد السيد عبد الحميد، مدير عام مساعد للعلاقات العامة، داخل الاتوبيس، بعد تعرضه لتدهور مفاجئ في حالته الصحية وهو أمام مقر الشركة.

استغاث الزملاء، وسارع فريق من الإدارة الطبية لمحاولة إسعافه. كان المنطق أن تتحرك سيارة الإسعاف التابعة للشركة فورًا ومجهزة بالمسعفين والمهمات الإسعافية، خاصة وأنها مخصصة تحديدًا لمثل هذه الحالات.

لكن المفاجأة الصادمة كانت سيارة الإسعاف متوقفة خلف بوابة حديدية مغلقة داخل ممر مجاور للمبنى، لا يمكن فتحها إلا بعد الحصول على موافقة إدارية من مدير الأمن، وموافقة إضافية – بحسب مصادر – من نائب رئيس الشركة للشئون الإدارية لتحريك السيارة.

أمام هذا التعقيد، لم يكن أمام الفريق الطبي والزملاء إلا الإسراع بالمريض إلى مستشفى "دار الفؤاد" عبر نفس الاتوبيس الذي كان يستقله، دون تجهيزات طبية، ودون مرافقة إسعافية. ولم يكن الوقت في صالحهم.

فقد توفي محمد السيد عبد الحميد بعد وصوله إلى المستشفى بوقت قصير.

فهل كان نقل الحالة داخل مركبة غير مجهزة وتأخر وصول الرعاية الطبية اللازمة له سببًا في الوفاة؟

وهنا، تبرز مجموعة من الأسئلة التي لا يمكن تجاوزها:

لماذا كانت سيارة الإسعاف محجوزة خلف بوابة حديدية مغلقة، بينما يفترض بها أن تكون في وضع استعداد دائم؟

من اتخذ قرار حجزها في هذا الموقع؟ وهل توجد تعليمات تمنع تحريكها إلا بموافقات متعددة؟ وإن كان هذا الكلام غير حقيقى لماذا لم تنطلق السيارة بالشهيد محمد السيد إلى المستشفى مع عمل الإسعافات الأولية فترة الانتقال؟

كيف يمكن أن نحتفل بالسلامة المهنية وفي الوقت ذاته الذي تتعطل فيه آليتها الأساسية أمام حالة إنسانية حرجة؟

الواقعة في جوهرها ليست فقط خطأ تنظيميًا أو ثغرة إدارية، بل إخفاق في تطبيق أول مبادئ السلامة، وهي الجاهزية الفورية في حالات الطوارئ.

لم تكن الواقعة تحتاج سوى دقائق، ربما أقل، لتحريك سيارة الإسعاف وإنقاذ موظف تعرض لأزمة صحية مفاجئة. لكن تلك الدقائق ضاعت بين أبواب مغلقة وموافقات مؤجلة.

وفي الوقت الذي كانت فيه الكلمات تُلقى على المنصة حول "أهمية العنصر البشري" و"الالتزام بمعايير السلامة"، لم تُفتح بوابة الإسعاف.

فهل تكفي الاحتفالات والكلمات لتجسيد مفاهيم السلامة المهنية؟

معالى الوزير هل اختزلت معاليك السلامة والصحة المهنية في أفرول وخوذة؟  سيدى الوزير إن الحياة لا تنتظر التصاريح، ولا تؤَمن بالشعارات التي لا تجد طريقها إلى التطبيق الفعلي!

لقد رحل الموظف في يومٍ يُفترض أنه مخصص لحمايته. بينما ظلت سيارة الإسعاف في مكانها، لم تتحرك، ربما لأنها لم تحصل على الإذن.

فهل تَعلّمنا شيء؟

وهل نُعيد تعريف السلامة المهنية من جديد.. بعيدًا عن الأفرول والخوذة والخطب الرنانة في القاعات المغلقة، أرجو أن تعيد النظر وأن تتعامل مع أحشاء القطاع لا مع أغلفته لتكون قريبًا من الأزمات الحقيقية التي تواجه الناس في الواقع؟